يحتار المسلم فى بعض امور حياته و قد لا يعلم هل هذا
الامر يجلب له النفع او الضر فيلجا الى الله مالك
السماوات و الارض و يستخيره فى امره هذا
المعاني المتضمّنة في دعاء الاستخارة
يحتوى دعاء الاستخارة على عددا من المعاني والفوائد التي من أجلها
حرص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على تعليمه لصحابته، ولو لم يكن
فى قوله إلّا الامتثال والاقتداء به -صلّى الله عليه وسلّم- لكفى بذلك خيرا
وبركة،فقول (اللَّهُمَّ)؛ تُفيد سؤال الله -تعالى- باسمه العظيم، حيث نُقل عن
أهل العلم أنّه الاسم الأعظم لله الذي تعود إليه جميع أسمائه، وقول (إنِّي
أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ)؛ تُفيد تفويض العبد أمره لله -تعالى-
لِيختار له الأنسب والأفضل وِفق علمه الكامل الشامل وقدرته العظيمة،
وقول (وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ)؛ تُفيد توجّه العبد لله -تعالى- أن يمنّ عليه
من عظيم فضله وواسع كرمه وعطائه.[٧] وقول (فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ
ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ)؛ تُفيد تَبرُّؤ العبد وتجرّده من حَوْلِه وقدرتِه
القاصرة وعلمِه المحدود، واللّجوء إلى الله -تعالى- القادر على كلّ شيءٍ
والعالم به، وأمّا قول (اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي
ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي)؛ تُفيد تفويض العبد لله -تعالى- العالم
بمآل الأمور كلّها بأن يُقدِّر له ما كان فيه خيرَيّ الدنيا والآخرة، وممّا لا ريب
فيه أنّ سعادة العبد تكمن في الرضا بما اختاره الله وقدّره له.[٧] وقول (وإنْ
كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي، فَاصْرِفْهُ
عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه)؛ تُفيد تفويض العبد لله -تعالى- بأن يُبعد عنه الشرّ تمام
المباعدة، وهو ما لا يكون إلّا بإبعاد الشرّ عنه وإبعاده عن الشرّ.[٨] ويجدر
الانتباه إلى معنى آخر يظهر في قول (واصْرِفْنِي عنْه)؛ وهو أنّ الإنسان
يجهل مآل الأمور وعاقبتها، فقد يتعلَّق قلبه بأمرٍ يعتقد الخير فيه، فيحرص
عليه ويسأل به الله، بل يُلحّ ويجتهد في دعائه للحصول عليه، إلّا أنّ الله
-تعالى- لا يُقدّره له لشرٍّ فيه، فيكون قول (واصْرِفْنِي عنْه) فيه سؤال الله
-تعالى- بصرف الشرّ وما قد يُرافقه من تعلّق القلب به، أمّا قول (ثُمَّ رَضِّنِي
به)؛ تُفيد سؤال العبد لله -تعالى- بأن يرزقه الرضا على نعمه وما قدّره له،
فالمؤمن الراضي يمتلئ قلبه بالراحة والطمأنينة، ويخلو من الحسد والغيرة
والضغينة، ومَن تسخَّط ولم يرضَ كان قلبه على خلاف ذلك، ومن خلال ما
سبق يتّضح أنّ دعاء الاستخارة مليءٌ بمظاهر الخضوع لله -تعالى- والتّذلل
والافتقار إليه -سبحانه-، كما أنه يورث القلب الطمانينة وهداة البال.[٨]
ادعية الاستخارة كاملة